التهاب القولون التقرحي

آخر تحديث في
لا يوجد تعلقيات
كتابة: د. أسامة أبو نار

ما هو التهاب القولون التقرحي؟

يُعد التهاب القولون التقرحي أحد أشهر أنواع أمراض التهاب الجهاز الهضمي، وهو مرضٌ مزمنٌ يظهر على شكل التهاباتٍ وتقرحاتٍ في الغشاء الداخلي للأمعاء الغليظة والتي تشمل (القولون والمستقيم)؛ مؤديةً بشكل أساسي إلى حدوث الإسهال الذي قد يكون مصحوبًـا بالدم أو المخاط أو القيح، ويحدث ظهورها تدريجيًا وليس بشكلٍ مفاجئ.

تظهر أعراض القولون العصبي على شكلِ نوباتٍ يكون فيها المرض نشطًا أي أن الأعراض ليست مستمرة، ويُمكن أن تمر على المريضِ فتراتٍ لا تحدث فيها أي أعراض (تتراوح من أيام إلى سنوات)، وتتفاوت شدةُ الأعراض حسب مساحة الجزء المصاب وشدة الالتهاب، كما يُمكن تقسيم الأعراض إلى نوعين:

1.   أعراضُ الجهازِ الهضمي:

  • الإسهال؛ والذي قد يحتوي على دمٍ أو مخاطٍ أو قيح.
  • ألم في البطن (مغص).
  • فقدان الشهية، والغثيان، والاستفراغ.
  • الزحار، ويُعرف على أنه ألمٌ أو شدٌ في البطن يجعلك تشعر بالحاجة للتغوط مع عدم الحاجة الحقيقية لذلك.
  • إمكانية حصول نوبات من الإمساك.

قد تؤدي الحالات الشديدة إلى إسهال شديد، وارتفاع في درجة الحرارة، بالإضافة إلى فقر الدم وفقدان الوزن.

2.     أعراض خارج الجهاز الهضمي:

25% من مرضى التهاب القولون التقرحي تحدث لهم أعراضٌ خارج الجهاز الهضمي.

يُعد التهاب المفاصل هو الأشهر بالإضافة إلى التهابات العيون والجلد، وتأتي الالتهابات الرئوية بدرجة أقل، وعادةً ما تحصل هذه الأعراض بالتزامن مع أعراض الجهاز الهضمي لكنها يمكن أن تحدث منفصلة.

لعل السبب الرئيسي وراء المرض لم يُعرَف بعد، إلا أن هناك بعض العوامل التي قد تزيد من نسبة الإصابة، ومن أشهرها:

  1. العامل الوراثي: حيث أن أكثر من ربع المصابين بالتهاب القولون التقرحي لديهم تاريخ عائلي للإصابة بالمرض.
  2. الجينات: فقد تبين وجود ارتباطٍ لبعض الجينات بزيادة نسبة الإصابة بالمرض.
  3. العوامل البيئية: مثل عدوى الجهاز الهضمي.
  4. اضطراب في جهاز المناعة.
  5. المسكنات الغير ستيرويدية: مثل الأسبيرين والأيبوبروفين.
  6. حبوب منع الحمل.
  7. الفئة العمرية من 15 إلى 30 سنة، ومن 50 إلى 70 سنة هم أكثر عُرضةً للإصابة.
  8. يوجد خلاف حول كون التدخين عامل حماية أم عامل خطر، والأدلة الحالية غير كافية لإثبات أي منهما.

لتشخيص المرض سيقوم الطبيب بطرح بعض الأسئلة حول تاريخك المَرَضي والعائلي، وإجراء بعض الفحوصات العامة الروتينية.

تشخيص مرض التهاب القولون التقرحي يعتمد بشكلٍ أساسي على وجود إسهال مزمن، بالإضافة إلى التهاب نشطٍ أثناء التنظير، ووجود تغيراتٍ مزمنة في العينة تحت المجهر، إلى جانب بعض الفحوصات الأخرى لاستثناء الأمراض المشابهة.

1.     الفحوصات المخبرية

بشكل عام  تعتبر الفحوصات المخبرية غير مُجدية في التشخيص المباشر للمرض، وإنما تستخدم لاستثناء أمراض أخرى كفحص البراز؛ لاستبعاد وجود عدوى قد تكون هي السبب وراء الالتهاب، أو لمعرفة الحالة العامة للمريض، لكن توجد بعض الفحوصات لأجسام مضادة مثل ANCA و ASCA قد تساعد في التشخيص.

2.     المنظار السفلي

ويعد من أهم أدوات التشخيص، حيث يوفرُ للطبيب النظر إلى التغيرات في جدار الأمعاء بشكلٍ واضحٍ ومباشر، لكن من الممكن أن يحدث هنالك تشابهٌ مع أكثر من مرض؛ لذلك يقوم الطبيب بأخذ عينة لفحصها تحت المجهر.

بسبب طبيعة الفحص وتكلفته المادية؛ لا يقوم به الطبيب إلا عندما تكون نتائج الفحوصات الأسهل،والأقل تكلفة غير كافية.

3.     التصوير

كل هذه الأنواع غير قادرة على إعطاء تشخيصٍ نهائي دون وجود أدوات التشخيص الأخرى؛ لأنها غير قادرة على تحديد سبب الالتهاب والتغيرات بشكلٍ دقيق.

  1. الأشعة السينية مع الصبغة
  • تمثل خيار جيد للطبيب بسبب قدرتها على إظهار التفاصيل الدقيقة حتى في بداية المرض، وانخفاض تكلفتها مقارنة بالأنواع الأخرى.
  • تعتبر جيدة للتفريق بين التهاب القولون التقرحي ومرض كرون.
  • لا تُستخدم الصبغة في الحالات الشديدة؛ لأنها قد تزيد من احتمالية حدوث مضاعفات مثل: تضخم القولون السمي.
  1. السونار

تُعد طريقة سهلة ومتوفرة في أغلب العيادات، ولا تشكلُ أي خطر على المريض، وتُعطي فكرةً مبدئية عن حالة جدار الأمعاء.

  1. التصوير الطبقي والرنين المغناطيسي

تعتبر أدواتٌ جيدة للتشخيص؛ لأنها توفر صورًا ذات جودة عالية لأدق التفاصيل، بالإضافة إلى عدم وجود الخطر الإشعاعي في الرنين المغناطيسي.

  1. التصوير النووي

    يُستخدم لتحديد نشاط وانتشار المرضِ ومتابعة العلاج، ويُعد صالحٌ للحالات الشديدة التي يُمنع فيها استخدام الصبغة والمنظار.
  1. تصوير الأوعية الدموية

ويتم استخدامهُ لتحديد التغيرات الدقيقة في الأوعية الدموية المغذية للأمعاء، والتي قد تعطي فكرة عن شدة المرض وانتشاره.

1.     مرض كرون

  • يوجد تشابه كبيرٌ بين مرض كرون والتهاب القولون التقرحي؛ لأن كِليهِما من أمراض التهاب الجهاز الهضمي.
  • كرون مرض يتميز بأنه من الممكن أن يصيب أي جزء من الأمعاء بخلاف مرض التهاب القولون التقرحي الذي يتركز بشكلٍ أساسي في الأمعاء الغليظة.
  • تكون أغشيةُ الأمعاء في التهاب القولون التقرحي مصابة بشكلٍ متواصل دون وجود فراغات، أما في مرض كرون فتكون على شكل خطوط مفصولة بمناطق سليمة، لكن أثناء علاج التهاب القولون التقرحي تتكون أجزاء سليمة مما يجعله مشابهٌ لمرض كرون أثناء التنظير.
  • وجود التقرحات في الفم يعتبر من العلامات المميزة لمرض كرون.
  • يَكثُر النزيف في التهاب القولون التقرحي، لكن يتميز مرض كرون بوجود ثقوبٍ في الأمعاء.

2.     مُشكلات القولون بسبب المُلينات

الإكثار من استخدام المُلَينات (أكثر من ثلاث مراتٍ في الأسبوعٍ لمدة سنة) قد يتسبب في حدوثِ تغيراتٍ في الأعصاب والعضلات الملساء في الأمعاء؛ مما يؤدي إلى حدوث انتفاخاتٍ وآلام في البطن، وعدم القدرة على تفريغ الأمعاءِ بشكل كامل؛ لذلك قد تتشابه بعضُ الأعراضِ والصورِ الإشعاعية والرنين مع التهاب القولون التقرحي.

3.     القولون العصبي

تتشابهُ بعضُ أعراضِ القولونِ العصبي مع كلٍ من مرض كرون، والتهاب القولون التقرحي، لكنه يتميزُ بعدمِ وجود تغيرات التهابية في أنسجة الأمعاء. بإمكانك القراءة في مقالنا عن متلازمة القولون العصبي .

4.     عدوى الجهاز الهضمي

تُعتبر العدوى من أحد الأسباب الشائعةِ لالتهاب الأمعاء؛ لذلك يجب استثناؤها عند التشخيص، وقد يتم ذلك عادة عن طريق فحص عينة مباشرة من البراز أو زراعتها ثم القيام بفحصها.

لا يوجدُ علاجٌ نهائي لالتهاب القولون التقرحي سوى الجراحة، ولكن الطرق العلاجية الحالية قادرة على إنهاءِ فترة نشاط المرض، وتأخيرِ الدخول فيه مرة أخرى.

تبدأُ الخطة العلاجية ببعض الأدوية المضادة للالتهاب، والتي قد تستخدمُ بشكلٍ موضعي (داخل الأمعاء الغليظة مباشرة) أو عن طريق الفم، بالإضافة إلى أن تغيير النظام الغذائي، ونظام الحياة للمريض كفيلان بتقليل الأعراض.

في حال فشل الخطوات السابقة؛ يقومُ الطبيبُ بعمل محاولاتٍ أخرى عن طريق جرعاتٍ مختلفة أو أدوية مختلفة مثل: مثبطات المناعة، أما بعد فشل العلاج الدوائي بالكامل؛ قد يضطر الطبيب للجوءِ إلى الجراحة والتخلص من الجزء المصاب بسبب زيادة نسبة حدوث سرطان القولون في هذا الجزء.

1.        العلاج الدوائي

  1. الأمينوساليسيليت:

حيث يعدُ الخيار الأول للطبيب في الحالات البسيطة لقلة أعراضه الجانبية مقارنةً مع بقية الأدوية المستخدمة، ويُمكن استخدامه بشكلٍ موضعي، أو عن طريق الفم، وعند الجمع بين الطريقتين تزداد فاعليته، ويُمكن للمريض أن يلتزم بهذا الدواء مدى الحياة.

2. الكورتيكوستيرويدات:

تُستخدم في حال فشل الأمينوساليسيليت وفي الحالات الأكثر شدة، لكن لا ينصحُ بأخذها على المدى الطويل بسبب أعراضها الجانبية.

3. مثبطات المناعة:

وقد تستغرق فترةً كبيرةً لملاحظة أثرها، وتسبب الكثير من الأعراض الجانبية؛ لذلك يجب إجراء بعض الفحوصات الدورية في حال استخدامها.

  1. أجسام مضادة لـ(TNF-α):

هو بروتين يشارك في الالتهاب، وتعتبر طريقة سريعة لتقليل الأعراض والخروج من الفترة النشطة للمرض، وتستخدم عند فشل العلاج التقليدي ويستمر العلاج لمدة 12 شهر.

5. المسكنات:

مضادات الالتهاب الغير ستيرويدية (NSAIDs): هي عائلة مشهورة من المسكنات ومن أمثلتها الأسبيرين والأيبوبروفين، لكنه لا ينصح باستخدام هذه الأدوية كمسكنات لالتهاب القولون التقرحي؛ لأن ذلك من الممكن أن يزيد من الأعراض؛ لذلك يُمكن تناول مسكن الباراسيتامول كبديل.

2.        العلاج الجراحي

يلجأُ الطبيب للعلاج الجراحي كخيارٍ أخيرٍ بعد فشل كل العلاجات السابقة، أو في حال وجودِ سببٍ طارئٍ للجراحة مثل وجود ثقب في القولون، أو حدوث تغيرات سرطانية.

هناك نوعان رئيسيان من العمليات(صور):

  1. يتم أثناء العملية التخلص من الأمعاء الغليظة بشكلٍ كاملٍ؛ بحيث يُصبح التخلص من البراز بشكل طبيعي غير ممكن، لذلك يقوم الجراح بعمل فتحة في أسفل البطن للتخلص من البراز، ويتم جمع البراز عن طريق كيس مخصص يتم تغييره بشكل دوري من قبل المريض.
  2. يتم أيضًا التخلص من الأمعاء الغليظة، ولكنّ الجَراح يحافظ على الجزء الأخير من الجهاز الهضمي؛ مما يُمَكن المريض من التخلص من البراز بشكلٍ شبه طبيعي.
  3. يحتاج المريض من 4 إلى 6 أسابيع للتعافي بشكل تام من العملية.
  1. تضخم القولون السمي: يحدث عند إصابة شبكة الأعصاب المغذية للأمعاء؛ مما يؤدي إلى توقف حركتها وتراكم المحتويات أو تعفنها. يتميز هذا المرض بأن جدار الأمعاء يكون رقيق جدًا؛ مما يزيد خطر حدوث ثقب فيه.

يعتبر تضخم القولون السمي من أشهر أسباب الوفاة لدى مرضى التهاب القولون التقرحي، بالإضافة إلى أنه يؤدي إلى زيادة نسبة حدوث سرطان القولون.

  1. سرطان القولون: تشير الدراسات إلى أن حوالي 3% إلى 5% من مرضى التهاب القولون التقرحي يتم تشخيصهم بسرطان القولون، وتزداد هذه النسبة مع زيادة فترة الإصابة بالمرض.

بناءً على شدة المرض، ومدة الإصابة، ومدة انتشارها في الأمعاء؛ قد يقترح طبيبكَ عمل فحوصات وتنظير بشكل دوري؛ للتأكد من عدم وجود تغيرات سرطانية أو حدوث تضخم سمي.

بما أن التهاب القولون التقرحي مزمن ولا يمكن الشفاء منه بشكل نهائي الإ بالجراحة؛ حينها يتوجب على المريض أن يتعايش مع المرض بتغيير بعض عاداته اليومية؛ لتتناسب مع المرض، وتقلل الأعراض.

النظام الغذائي:

1. التقليل من الغذاء الذي يحتوي على الألياف؛ وذلك لأن الألياف قد تزيد من الأسهال الموجود أصلاً بسبب المرض.

2. تقسيم الأكل إلى وجباتٍ صغيرةٍ موزعة على اليوم.

3. شُربُ المزيدِ من السوائل مع تجنب المشروبات الغازية.

4. تجنب الوجبات المقلية والدهنية.

5. بعض الأشخاص تزيد لديهم الأعراض بسبب أنواع معينة من الأكل، وتختلف من شخص لآخر؛ لذلك عليكَ الانتباه لنوع الأكل الذي يسبق الأعراض.

العامل النفسي:

الظروفُ المحيطة،  كَمَوت شخصٍ قريب، أو فقدان الوظفية، وكذلك الضغوط النفسية مثل القلق والاكتئاب والخوف لا تُعتبر سببًا لالتهاب القولون التقرحي، ولكنها يُمكن أن تزيد من شدة الأعراض؛ لذلك يُنصح بممارسة الرياضة بشكل منتظمٍ، والتخلص من الضغوط لتقليل الأعراض.

  1. الثقافة الطبية الموثوقة:
    • فهمُ تفاصيلِ المرض.
    • الالتزامُ بالخطةِ العلاجية.
    • الابتعاد عن المعلومات الخاطئةِ المنتشرة حول وجود علاجٍ نهائي سهلٍ، ورخيص، وبدون أعراض جانبية للمرض.
    • متابعةُ العلاج بشكل مستمرٍ مع الطبيب، و طرح أي سؤال عليه و العمل بنصحيته.

المصادر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

crossmenu