قد تقرأ في العديد من الأماكن عن نصائح للتخفيف من أعراض القولون العصبي، ولكن هل هذه النصائح ناجحة وعلمية؟!، في هذا المقال ستجد نصائح مبنية…
البريبايوتك ( prebiotics ) هو مكون غذائي يتخمر بشكل محدد في الجسم ليعطي تغيرات إما في عدد الكائنات الحية الدقيقة في الجهاز الهضمي أو نشاطها، مما يُؤدي إلى فوائد صحية على المضيف (الشخص).
وبشكل مبسط فهو عبارة عن مكونات غذائية غير قابلة للهضم، تؤثر بشكل إيجابي على صحتك عن طريق التأثير بالكائنات الحية الدقيقة الموجودة في جهازنا الهضمي التي تقدر ب 100 تريليون.
تُشكل هذه المركبات وجبة غذائية ممتازة للبكتيريا المتواجدة في الأمعاء، والتي بدورها تقوم بتخمير هذه المركبات وإنتاج أحماض دهنية قصيرة السلسلة ذات تأثير إيجابي في صحة الجسم. كما أن كل نوع من البكتيريا يُفضل مركب مختلف.
كلا المصطلحين متقاربين في اللفظ، ولكن هناك فرق جوهري بينهما مع أنهما مترابطين جداً.
فالبروبيوتك: هي كائنات حية دقيقة لها تأثير إيجابي على صحة المضيف ( الشخص) عند تناولها. بإمكانك قراءة المزيد في مقالنا عن البروبيوتك.
أما البريبايوتك فكما عرّفناه سابقاً أنه الغذاء الخاص لهذه الكائنات الحية الدقيقة النافعة للجسم.
لذا فإن البعض قد اقترحوا أن البريبايوتك أفضل من البروبيوتيك وذلك لــ:
بحسب المنظمة العملية الدولية للبروبيوتيك والبريبايوتك فإن هناك خصائص محددة يجب أن تتوافر في مركبات البريبايوتك. وهي ثلاث خصائص:
وهذه الصفات تنطبق على مجموعة من السكريات(الكربوهيدرات) التي لا يمكن هضمها وتتكون من 3 إلى 10 جزيئات من السكر. وتتواجد هذه المركبات بشكل طبيعي في الفواكه، والخضروات، والقمح، والحليب وأطعمة أخرى، كما أنه من الممكن تصنيعُها.
ما تزال التجارب العلمية متواصلة لاكتشاف المزيد حول البريبايوتك التي تُساعد على نمو الكائنات الحية الدقيقة المفيدة في الجهاز الهضمي. فبحسب الأبحاث فإن هذه المركبات ذات تأثير إيجابي على صحة الإنسان عن طريق:
من وظائف هذه الأحماض:
كما أن الأبحاث ما زالت جارية والتي تُشير إلى نتائج إيجابية في كل من حالات إسهال المسافرين، والإسهال المتعلق ببكتيريا الكلوستريديوم ديفيسل، وحالات الإمساك المصاحبة لمتلازمة القولون العصبي، وقد تُساعد في أمراض الأمعاء الالتهابية. ولكن ما زالت التجارب في مراحل مبكرة، وربما في المستقبل إن شاء الله تظهر نتائج نهائية بخصوص هذه الحالات.
تُستخدم جذور نبات الهندباء كبديل للقهوة خالي من الكافيين. وفي نفس الوقت فهي مصدر مهم لمركبات البريبايوتك، فهي غنية جداً بهذه المركبات إذ قد يصل تركيز الإنولين فيها إلى ما يقارب 20%. كما أن هناك منتجات أنيولين مستخلصة من جذر الهندباء على شكل مكملات غذائية.
الثوم من الأطعمة المشهورة بشكل واسع حول العالم، ويُستخدم لإضافة نكهة على الطعام. ويحتوي على 17جرام من الفركتانز تقريباً لكل 100 جرام.
كما أن للثوم العديد من الفوائد الصحية في صحة القلب والأوعية الدموية فقد يُساعد على خفض ضغط الدم ونظرياً قد يعمل كمُميّع للدم (لذا يجب الحذر عند تناوله مع الأدوية المميعة للدم)، وهناك نتائج مُتضاربة في التجارب فيما يتعلق بقدرة الثوم على تقليل دُهنيات الدم، وأن تأثير الثوم قد يكون محدود جداً على دهنيات الدم.
بحسب المعهد الأمريكي للسرطان فإن الثوم يُعد أحد الخضروات التي رُبما يكون لديها تأثير في الحماية من السرطان، وتنصح منظمة الصحة العالمية بتناول 2-5 جرام يومياً من الثوم للحفاظ على الصحة.
كما أن فيه عناصر تعمل كمضادات للأكسدة، ومضادات للميكروبات.
البصل أيضاً أحد أشهر المنكهات في الطعام، ويحتوي على الفركتانز بنسبة تتراوح بحسب 1.1 إلى 10 %.
وُيشارك البصل الثوم في العديد من الفوائد كمضاد للأكسدة والميكروبات، وتأثيره على دهنيات الدم والضغط، وكأحد الخضروات التي قد تمنع السرطان، ولكن التجارب التي تمت على البشر باستخدام البصل أقل من التجارب التي استخدمت الثوم. لذا فإنه من المُبكر بعد الحكم بفوائد البصل على البشر.
الهندباء الخضراء تحتوي على الإنولين بنسبة 4 جرام لكل 100 جرام. وهي غنية بفيتامين أ أيضاً.
بالإضافة لما تحتويه هذه العشبة على مركبات البريبايوتك، فإن التجارب وجدت أنها ذات فوائد أخرى عديدة، حيثُ أنها مضادة للأكسدة، والالتهاب، وكما أنها قد تُساعد في التقليل من الدهنيات في الدم، وفي حالات الإمساك والإسهال والقرح المعوية، وفي مرضى السكري والسرطان، ولها تأثير مُدر للبول. ولكن العديد من هذه التجارب تمت على الحيوانات لذا ما زال من المكبر استعمالها في هذه الحالات.
بذور الكتان تحتوي على نسبة عالية من الألياف، كما أنها تحتوي على الدهون الصحية مثل الأوميجا 3.
بشكل عام تُساعد بذور الكتان في حالات الإمساك والانتفاخ، لما تحتويه من ألياف تُنظم حركة الأمعاء.
قد تُساعد بذور الكتان في التقليل من دهنيات الدم، وكانت النتائج أفضل فيمن لديهم دُهنيات مرتفعة. كما أن بذور الكتان قد تُساعد في خفض ضغط الدم، ففي تجربة تناول أطعمة تحتوي على 30 جرام من بذور الكتان كل يوم لمدة 6 شهور، قللت بذور الكتان من ضغط الدم لدى الأفراد.
ويجب التوضيح أنه لا يوجد نتائج إيجابية تشير إلى أن بذور الكتان تقلل من الهبات الساخنة لدى النساء.
الشوفان وخصوصاً نخالة الشوفان تُعد غذاء صحي لما تحتويه من ألياف غذائية، وبعض فيتامينات ب، والمغنيسيوم.
إن الأغذية التي تحتوي على ألياف قابلة للذوبان في الماء تٌساعد بشكل عام في التقليل من الإصابة أمراض القلب وخفض نسب الكوليسترول في الدم.
والشوفان يُقلل من الكوليسترول لما يحتويه من ألياف قابلة للذوبان في الماء (بيتا جلايكان)، خصوصاً المنتجات التي تحتوي على شوفان الحبة الكاملة.
كما أن الشوفان يُساعد في حالات السكري حيثُ أن تناول الشوفان لمدة 6 أسابيع مرتبط بتحسن مستويات السكر في الدم والأنسولين، كما أن الجمعية الأمريكية لمرضى السكري تنصح بتناول 50 جرام من الشوفان للحصول على 25 جرام من الألياف القابلة للذوبان في الماء.
حليب الأم هو أول غذاء يحتوي على مركبات البريبايوتك يتعرض له الطفل منذُ اليوم الأول. تم اكتشاف أكثر من 100 نوع من هذه المركبات، وتختلف الأعداد والمركبات من امرأة لأخرى.
لهذه المركبات وظائف عديدة منها:
كما يحتوي حليب الأم على كائنات حية دقيقة نافعة لجسم الرضيع، فحليب الأم يُشكّل الغذاء المتكامل لصحة الطفل الرضيع. من الأطعمة الأخرى التي تحتوي على مركبات البريبايوتك: حبوب الشعير، الكراث، نخالة القمح، الموز، والتفاح.
بحسب المنظمة العلمية الدولية للبروبيوتيك والبريبايوتك فإن الكمية المقترحة للاستهلاك اليومي من البريبايوتك هي 5 جرام. وبالرغم من أن الأطعمة السابقة تحتوي على مركبات البريبايوتك فإنها تحتوي على نسب منخفضة، لذا تناوَل الحبوب الكاملة والخضروات والفواكه، كما أنك قد تجد العديد من المخبوزات ومنتجات الألبان المضاف إليها مركبات البريبايوتك المذكروة سابقاً، مما قد يُساعدك للحصول على الكمية المذكورة.
إن تناول مركبات البريبايوتك آمن بشكل عام، ولكن قد تظهر عند البعض أعراض الشعور بالانتفاخ وذلك لأنها ألياف، ولكن يُمكن التخلص من هذه الأعراض، عن طريق البدء بتناول كميات قليلة وزيادة الكمية تدريجياً.
ولا تنسى شرب المياه بشكل كافي، فالألياف تزيد من حجم البراز وليونته، وتُساعد في علاج الإمساك، ولكن عدم شُرب المياه بشكلٍ كافٍ قد يؤدي إلى زيادة الإمساك في هذه الحالات.
كما يجب الانتباه إذا كنت أحد الأشخاص الذين يُعانون من متلازمة القولون العصبي حيثُ أن هذه المركبات قد تزيد من الأعراض لدى البعض، لذا تابع مع طبيبك الخاص. فبعض هذه تحتوي على مركبات الفودماب التي تزيد من الأعراض لدى المصابين بالقولون العصبي، بإمكانك معرفة المزيد في مقالنا عن الفودماب.
يُنصح بالابتعاد عن بذور الكتان وزيت الكتان في فترات الحمل، حيثُ أنها تؤثر على الهرمونات عند الإناث، كما أن المعلومات محدودة حول أمان استعمالها في الرضاعة، ننصح باستشارة الطبيب دائماً قبل تناول أي أعشاب طبية.
تناول الثوم قد يزيد من ميوعة الدم وفرص حدوث نزيف، فإذا كنت تتناول أحد الأدوية المضادة للتجلط أو المميعات أو لديك عملية قريبة، فاستشر طبيبك.
لا تنسى أن تستشر طبيبك دائماً قبل اتخاذ أي قرار يخص حالتك الصحية، فبعض الأعشاب قد تؤثر على الأدوية التي تتناولها مُسبقاً، فطبيبك سُيساعدك على اختيار الأفضل لك، وتنبيهك على أي مخاطر.
وما تزال الأبحاث جارية لفهم مركبات البريبايوتك واستخدامها للأمراض التي تتغير فيها الكائنات الحية الدقيقة التي تعيش داخل أجسامنا، ولزيادة فرص علاج هذه الأمراض.