مطعوم الإنفلونزا

آخر تحديث في
لا يوجد تعلقيات
تدقيق علمي: د. طارق عبد الكريم
أخصائي باطنية، صدرية وعناية مركزة
كتابة: صابرين الحسنات
تدقيق لغوي: بلال السلفيتي
تنسيق: د. عبد العزيز البياري

الاسم الإنجليزي: Influenza Vaccine
أسماء أخرى: لقاح الإنفلونزا، مطعوم الإنفلونزا

تاريخ وتطور التطعيم عبر الزمن

قديمًا ولمدة طويلة كان يعتقد أن الإنفلونزا سببها إحدى أنواع البكتيريا، ولكن بعد وباء الإنفلونزا الإسبانية عام 1919-1918م ومن ملاحظة الأعراض على شريحة أوسع من السكان بدأ الشك أن الإنفلونزا قد يكون سببها فيروسي ولم يتم إثبات هذا الشك إلا عام 1930م.

هنالك أربعة أنواع رئيسية من الإنفلونزا (A,B,C,D)، النوعين (A & B) هما الأشهر والأكثر أهمية للإنسان، كما يتم تقسيمهما لسلالات متعددة تختلف باختلاف البروتينات على سطح الفيروس.

وفي عام 1938م تم تطوير أول مطعوم إنفلونزا باستخدام بيض الدجاج المخصب وسلالة من فيروس الإنفلونزا A المقتول، وتم استخدام هذا المطعوم لحماية الجنود في الحرب العالمية الثانية، وبعد سنوات سُمح باستخدامه للمدنيين.

كان هنالك معضلتين لهذا المطعوم، أولها: أن المطعوم الذي يكون ضد إنفلونزا A لا يمكنه أن يحمي من إنفلونزا B, أما المعضلة الأخرى: فهي أن المطعوم لم يكن بنقاء مطاعيم اليوم، لذلك كان يسبب أعراضًا جانبيةً كثيرة، مثل: (الحرارة والألم والتعب العام). ونتيجة لتلك المعضلتين كان يُعتقد أن المطعوم يؤدي للإصابة بالإنفلونزا!

وفي عام 1942م، تم تطوير مطعوم الإنفلونزا الثنائي الذي يحتوي على فيروسات مقتولة تحمي من الإنفلونزا (A & B). في عام 1978 تم تطوير مطعوم الإنفلونزا الثلاثي الذي يحتوي على فيروسات مقتولة يحمي من سلالتين من الإنفلونزا A وسلالة من الإنفلونزا B، أما في عام 2012 تم تطوير مطعوم الإنفلونزا الرباعي الذي يحمي من سلالتين من الإنفلونزا A وسلالتين من الإنفلونزا B.

كيف يتم اختيار أنواع الفيروس التي سيحتويها التطعيم؟

أكثر من 100 مركز في أكثر من 100 دولة على مستوى العالم يقومون بفحص آلاف المرضى كل سنة وإرسال تقارير وعينات لمراكز مختصة في منظمة الصحة العالمية; بهدف تحديد الفيروسات الأكثر انتشارًا في كل منطقة وإعداد التطعيم المناسب.

كيف يعمل تطعيم الإنفلونزا وما هي مكوناته؟

الفكرة التي يقوم عليها المطعوم هي إدخال فيروس ضعيف جدًا أو فيروس مقتول، أو جزء من غلافه بكميات قليلة إلى جسم الإنسان. حيث يتم التعرف على الفيروس أو أجزائه من قبل جهاز المناعة على أنه جسم غريب؛ فتنتج أجسام مضادة خاصة بهذا الفيروس؛ وبالتالي في حالة الإصابة بالفيروس في وقت لاحق يكون جهاز المناعة مستعدًا فيقتل الفيروس قبل أن يحدث أي ضرر في جسم الإنسان.

ما هي أنواع تطعيم الإنفلونزا؟

يمكن أن يتم أخذ المطعوم عن طريق الحقن في العضل أو مطعوم على شكل بخاخ في الأنف.

  1. حقنة الإنفلونزا
    والتي يتم حقنها في عضلة الذراع عادةً، تحتوي على فيروس مقتول غير قادر على التكاثر في جسم الإنسان أبدًا؛ وبالتالي لن تكون هنالك أي فرصة للإصابة بالإنفلونزا من المطعوم سواءً لأصحاب المناعة الطبيعية أو الضعيفة.
  2. بخاخ الأنف
    يتكون من رذاذ يحتوي على فيروسات مضعفة (ليست مقتولة كالحقنة) يتم بخه في الأنف، كما أن الفيروس المضعف يتم تعديله في المختبرات لكي تقل قوته على التكاثر والتأثير فلا يُحدِث أي ضرر عند الأشخاص ذوو المناعة الطبيعية، ولكن هناك فرصة ضئيلة للإصابة بالإنفلونزا وبأعراض خفيفة جدا كالحرارة فقط، ولكن في حالة دخوله إلى الأجسام ذات المناعة الضعيفة قد يتكاثر ويسبب الإنفلونزا.

هناك ثلاثة معايير يجب الاهتمام بها قبل اختيار أي نوع من المطعوم:

  1. قوة جهاز المناعة
    إن أصحاب المناعة الضعيفة هم أكثر عرضة للإصابة بالإنفلونزا من بخاخ الأنف؛ فهؤلاء يجب أن يأخذوا الحقنة مثل المرضى الذين يأخذون أدوية تثبيط المناعة، ومرضى السرطان الذين يأخذون جرعات الكيماوي، والحوامل الذين لديهم أمراض مناعية مكتسبة أو وراثية.
  2. الأمراض المزمنة الأخرى
    إن أصحاب المناعة الضعيفة هم أكثر عرضة للإصابة بالإنفلونزا من بخاخ الأنف؛ فهؤلاء يجب أن يأخذوا الحقنة مثل المرضى الذين يأخذون أدوية تثبيط المناعة، ومرضى السرطان الذين يأخذون جرعات الكيماوي، والحوامل الذين لديهم أمراض مناعية مكتسبة أو وراثية.
  3. العمر
    نستطيع إعطاء الحقنة لكل من يتجاوز ستة شهور، أما بخاخ الأنف فيمكن إعطاؤه للأطفال الذين يتراوحون بين عمر السنتين إلى عمر التاسعة والأربعين، بشرط أن لا يكون لديه أياً من الحالات التي ذكرناها سابقًا.

من هم الأشخاص الذين يجب أن يأخذوا التطعيم؟ ومتى؟

يوصى بأخذ المطعوم سنويًا لكل من هم ابتداءً من عمر الستة أشهر أو أكثر.

كشخص سليم وذو مناعة قوية قد تكون إصابتك بسيطة وتتعافى بشكل سريع دون مضاعفات، ولكن أثناء مرضك قد تقوم بنقل العدوى لأشخاص ذوو مناعة ضعيفة من أهلك أو زملائك في الدراسة أو العمل، لذلك عندما يأخذ أكبر عدد من المجتمع المطعوم فهذا يقلل من فرصة وصول الفيروس للفئات الأكثر عرضة للخطر.

كما يوصى بأخذ المطعوم قبل موسم الإنفلونزا المتوقع بأسبوعين من كل سنة، وهو الوقت الذي تحتاجه المناعة لتكوين الأجسام المضادة.

كما يفضل أخذ المطعوم في نهاية الشهر التاسع والعاشر من كل سنة (أيلول وتشرين الأول) قبل بدء موسم الإنفلونزا. إذا تعذر أخذه في هذا الموعد يمكن أخذه في أي وقت لاحق من السنة.

تخص منظمة الصحة العالمية بتوصية مطعوم الإنفلونزا سنويًا لهذه الفئات:

  1. النساءُ الحوامل في أي مرحلة من حملها
  2. الأطفال من عمر ستة أشهر إلى خمس سنوات
  3. كبار السن ، أو من يتجاوز 65 سنة
  4. أصحاب الأمراض المزمنة
  5. الكوادر الطبية

هل المطعوم يحمي من إنفلونزا الخنازير والطيور؟

إنفلونزا الخنازير المشهورة بـ (H1N1) والتي سببت وباء 2009 موجودة ضمن التطعيم السنوي وقد أصبحت إنفلونزا موسمية عادية لأنها تحدث كل سنة بأعداد كبيرة.

أما بالنسبة لإنفلونزا الطيور فلا يحمي مطعوم الإنفلونزا منها، ولكن يقلل من المضاعفات التي تحدث إن أُصبت بإنفلونزا الطيور والإنفلونزا الموسمية معًا.

في المقال التالي يمكنك معرفة الفرق بين إنفلونزا الخنازير والطيور والإنفلونزا الموسمية.

هل يجب أخذ التطعيم بشكل سنوي؟ ولماذا؟

الإجابة نعم. حيث إن مفعول المطعوم يتناقص مع مرور السنة والذي قد يتلاشى في نهاية الموسم، بالإضافة إلى أن العلماء يقومون بتحديث السلالات في المطعوم سنويًا حتى تُلائم الأنواع المنتشرة في تلك السنة بسبب حدوث طفرات مستمرة تغير من شكل الفيروس الخارجي.

هل يمكن الإصابة بعد أخذ التطعيم؟

بحسب مركز مكافحة الأمراض CDC))، فإنه من الممكن الإصابة بالإنفلونزا في الحالات التالية:

  • في حال أخذ مطعوم الإنفلونزا في وقت مبكر من السنة (قبل شهر 10) حيث يكون مفعول التطعيم ضد الإنفلونزا وعدد الأجسام المضادة قد قلَ قبل نهاية موسم الإنفلونزا.
  • يحتاج المطعوم إلى أسبوعين لتكوين المناعة، في هذه الأثناء يمكنك التقاط الإنفلونزا.
  • عدم تكوين المناعة المناسبة بسبب مرض مناعي وراثي أو مكتسب.
  • يقوم العلماء بتجديد المطعوم بشكل سنوي ليحتوي على السلالات الأكثر انتشارًا في تلك السنة، ويحدث في كل سنة عدم التطابق بين الأنواع المنتشرة والأنواع التي يحمي منها المطعوم؛ وبالتالي تكون هناك فرصة للإصابة.
  • لا يحمي المطعوم من الفيروسات المسببة للرشح، والتي قد تسبب أعراض مشابهة للإنفلونزا، ولكن تكون شدتها أقل مما يجعل المريض يظن أنه أصيب بالإنفلونزا.
  • وفي بعض الحالات قد لا ينجح المطعوم بالرغم من تطابق السلالات.

هل أخذ التطعيم أكثر من مرة خلال نفس الموسم يزيد من المناعة؟

الإجابة لا، ولكن: قد يعتقد البعض أنه إذا كانت جرعة مطعوم واحدة جيدة فالجرعتين أفضل، ولكنها ليست آلية عمل جهازنا المناعي. تؤكد دائرة مكافحة الأدوية أنها لا توجد أي فائدة من أخذ جرعة أخرى حتى لكبار السن.

ولكن بالنسبة للأطفال بين عمر ستة أشهر إلى ثماني سنوات: قد يحتاجون إلى جرعة ثانية للحصول على الوقاية الكافية، فالأطفال الذين سيأخذون المطعوم لأول مرة أو أخذوا جرعة واحدة فقط في السنوات السابقة يجب أن يأخذوا جرعتين بفارق أربعة أسابيع بينهم، لذلك يجب البدء بعملية التطعيم لهذه الفئة في وقت أبكر من غيرهم.

متى يجب أن تسأل الطبيب قبل أخذ المطعوم؟

  • إن كنت مصابًا بالحرارة وقت أخذ المطعوم أو قبله بأسبوع
  • إن كنت قد أُصبت بمضاعفات من المطعوم من قبل
  • إن كنت قد أُصبت بمتلازمة جوليان باري (Guillain-Barre Syndrome) وهو مرض يؤثر على الأعصاب ويبدأ بضعف في عضلات القدم.

هل التطعيم آمن أثناء الحمل أو الرضاعة؟

نعم آمن لكلٍ من الحامل والمرضعة. بل توصي دائرة مكافحة الأمراض بتطعيم الحوامل والمرضعات.

لكن للحوامل يُنصح بحقنة المطعوم وليس بخاخ الأنف، لأنهم أكثر عرضة للإصابة بالإنفلونزا مقارنة بالنساء غير الحوامل في سن الإنجاب، وأكثر عرضة للإصابة بالمضاعفات وحاجة الدخول للمستشفى.

إن التطعيم وعدم الإصابة بالإنفلونزا يحمي الجنين من التعرض لتشوهات عصبية نتيجة ارتفاع حرارة الأم أثناء الحمل، وتستطيع الأم نقل خلايا مناعية ذاكرة ضد الإنفلونزا لجنينها تحميه من الإنفلونزا في الفترة الأولى من حياته حتى يصل للسن المسموح له بأخذ المطعوم (سن الستة أشهر). إن تطعيم الأم المرضعة يقلل من إصابة الأم، وبالتالي يقلل من نقل العدوى لطفلها.

لمعرفة المزيد اقرأ المقال الإنفلونزا أثناء الحمل.

مطعوم الإنفلونزا في ظل وباء كورونا المستجد

من المعلوم أن مطعوم الإنفلونزا لن يحمي من العدوى بفيروس كورونا المستجد، ولكن نظرًا لتوقع الإنتشار الواسع للإنفلونزا الموسمية في فصلي الخريف والشتاء وتشابه أعراضهم فانه ينصح بأخذ المطعوم للأسباب التالية:

  1. أثناء الإصابة بالإنفلونزا والوصول إلى المستشفى للحصول على العناية المطلوبة فإنه تزيد فرصة إصابتك بفيروس كورونا المستجد.
  2. كما أن زيادة الشريحة السكانية التي تلقت التطعيم يقلل من نسبة انتشاره في المجتمع ويوفر الكوادر والمرافق الطبية للعناية بمرضى كورونا.

بإمكانك قراءة المزيد عن الإنفلونزا الموسمية والرشح.

المصادر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

crossmenu